أصل الحياة و تطورها على كوكب الأرض لغز أبهر الإنسان على مر العصور
منذ القدم ، والفلاسفة الإغريق يتساءلون وقد كانت نظرياتهم، في جوهرها تطورية. كـإقتراح أحدهم بأن " الكائن البشري مرتبط بالحيوان وينحدر من مخلوقات مائية." و اقترح آخرون عكس ذلك، مثل أرسطو الذي له وجهة نظر ثابتة، تقول بأن الأنواع غير متغيرة وأنها خالدة.
في العصور الوسطى، أخذت الكنيسة بمذهب "الثبات" بوضع الإله في أعلى السلم أما مخلوقه، الإنسان، فيتربع وسط الأنواع الأخرى ولكن في القرن الثامن عشر، حدث اكتشاف حفريات لمخلوقات عصر ماقبل الطوفان وهز هذا التصور. فالكائن الحي تطور تدريجيا منذ ظهوره حتى الان وهناك بعض الأصناف التي انقرضت .
لكن اكتشاف تطور الكائنات خلق تساؤلات عدة :
ما هي الآليات التي يعمل وفقها هذا التطور؟
ما هي العوامل التي تحدد انقراضا ما؟ إنها حقا أحجية...
ثم جاء "تشارلز داروين"، مع نظريته القائلة بالانتقاء الطبيعي، التي من شأنها أن تحل في القرن التاسع عشر جزءا من اللغز .
ولد " تشارلز روبرت داروين" في بريطانيا العظمى عام 1809 تحت تأثير والده، ولج عالم الطب في السادسة عشرة من عمره لكن التشريحات والطرق الطبية التي كانت في بعض الأحيان وحشية في ذلك الوقت جعلته يصرف النظر عن الطب ومع ذلك، فقد افتتن بالتحنيط والتاريخ الطبيعي، و كان من العلماء المؤيدين لنظرية "لامارك" التطورية كان يأسره تحول الأنواع. وبتحفيز من والده، التحق تشارلز بشعبة علم اللاهوت بجامعة كامبريدج لكن علم النبات هو ما كان يبهره.
أنهى دراسته و رفض أن يصير راهبا ليحقق حلم: استكشاف المنطقة الاستوائية
في عام 1831، أبحر داروين عالم الطبيعة على متن سفينة في مهمة لرسم خريطة لساحل أمريكا الجنوبية كانت رحلة حاسمة أخيرا لاحت لـ"تشارلز" الفرصة للعمل على أرض الواقع
كان يجمع حفريات وعينات من النباتات والحيوانات لم تكن معروفة عند العلماء وقتها لا سيما، كان يلاحظ الخصائص التي تميز كل نوع عن الآخر في بيئتهم الخاصة وخاصة لدى الطيور من خلال كتابة يوميات سفره وضع داروين حجر الأساس لنظريته "الانتقاء الطبيعي"
يتكيف كل نوع مع بيئته، ويطور خصائص معينة التي تحوله تدريجيا لنوع جديد
لكنه جعل نظريته متماسكة من خلال "مؤلف" بعيد عن مجال العلوم الطبيعية. "مبدأ تعداد السكان " للاقتصادي الإنجليزي "مالتوس" ويتناول الكاتب التعداد الفعلي للسكان في بريطانيا والعوامل التي تجعله مستقرا
كيّف داروين مبادئ النمو والانتظام مع الأنواع الحيوانية و النباتية
بحسب داروين كل نوع يعرف تغيرات طبيعية عشوائية تنتقل من جيل إلى آخر إذا كانت هذه التغيرات تجيز البقاء والتكاثر كفاية للسماح بالانتشار على نطاق واسع
الكائنات الرئيسية المعنية يمكن أن تتغير لدرجة أن الخصائص الناتجة تجعلهم مختلفين عن النوع الأصل بعبارة أخرى، من هذا الانتقال الوراثي ينتج نوع جديد.
الكتاب الذي يقدم نظرية الانتقاء الطبيعي ظهر في عام 1859 أصل الأنواع عن طريق الانتقاء الطبيعي أو الحفاظ على السلالات المفضلة أثناء الكفاح من أجل الحياة وكان تأثير الكتاب على العامة عظيما وأثار "أصل الأنواع" موجة انتقادات قوية خصوصا من المعتقدين بوجود الخالق
هؤلاء يؤرخون ظهور الكائن الحي ببضعة آلاف السنين فقط ويرجعونه للمشيئة الإلهية، كما ورد في النصوص الدينية
في الواقع، فإن المناقشات اهتمت بمكانة الإنسان بالرغم أن نظريته لم تتطرق للكائن البشري إلا أن داروين أدرجه في الشجرة التطورية للكائنات الحية فحسب رأيه جميع الأنواع تطورت من سلف مشترك وقد نسب معارضو داروين إليه ما لم يقله قط: كفكرة أن الإنسان ينحدر من القرد مما أثار استنكار الخلقيين.
جدل جديد في الفترة ما بين 1987 و 1872، مع أصل الإنسان والانتقاء المرتبط بالجنس، وكذلك التعبير عن العواطف لدى الإنسان والحيوان في أعماله، يوضح لنا داروين أن الصراع بين الأفراد للتكاثر هو عامل في تطور بعض الصفات الوراثية مع بقاء الأجدر
كان هذا التنافس الجنسي بالنسبة لداروين الآلية الثانية للاستمرار الطبيعي للأنواع
بالمثل، إذا كان الإنسان والحيوان يمتلكان أوجه تشابه في التعبير الجسدي عن عواطفهم، فالأمر يتعلق بقدرة مشتركة اكتسبت من سلف مشترك بعيد