الثلاثاء، 30 أبريل 2019

أصل القمر : كيف نشأ القمر ؟


ضمن المجموعة الشمسية، يتسم قمرنا بالتفرد والغرابة يبدو جسما غريبا حقا ومازال يثير حيرة علماء العالم إلى يومنا هذا.

يقلّ قطر القمر عن قطر الأرض بـ 4 أضعاف.‏ ‎‏أما كتلته فتقل عن كتلة الأرض بـ 80 مرة فهو استثناء مقارنة ببقية الأقمار التي تتسم دائما بأحجام جد ضئيلة مقارنة بالكوكب الذي تنتمي إليه. فالأقمار الصغيرة جدا، كالأقمار المحيطة بكوكب المريخ لا تعدو أن تكون مجرد كويكبات كبيرة جذبها الحقل المغناطيسي لكوكبها. أما الأقمار الأكبر حجما، كالاقمار الأربع الجليلية حول كوكب المشتري فقد كانت نتاج تكثّف المواد المتبقية، بعد تشكل كوكب ما.

ومع ذلك، ليس هناك من هذين الاحتمالين ما يناسب الحالة الغريبة للقمر. فهو كبير للغاية عن كونه مجرد كويكب وهو أيضا ضخم جدا عن كونه وليدًا من بقايا تكون جسم سماوي كالأرض.


إذن، من أين أتى القمر؟

لطالما تساءل العلماء حول منشئه. عام 1878، صاغ جورج داروين، ابن تشارلز داروين نظريته المسماة بنظرية الانشطار ولاقت نجاحا كبيرا 

حسب رأيه، حدث كل شيء عند نشأة كوكبنا . فالأرض ما هي إلا كرة عملاقة من المواد المنصهرة التي تدور حول نفسها بسرعة فائقة. وتحت تأثير قوة الطرد المركزي بدأ شكلها يتغير. في صورة تضخم ملحوظ يتزايد شيئا فشيئا ويتمدد في الفضاء حتى ينتهي به الأمر إلى الانفصال‮‬ وهكذا ولد القمر.


ثم جاءت نظريتان جديدتان لمنافسة نظرية داروين: نظرية الانجذاب ونظرية التنامي المتزامن.

تفترض نظرية الانجذاب أن القمر تكوّن مستقلا عن الأرض ثم انجذب نحو الأرض بفعل قوتها خلال مرور قريب منها 

بينما تفترض نظرية التنامي المتزامن العكس: أي أن كوكبنا والقمر التابع له تشكلّا في المكان نفسه، والزمان نفسه .

 وقد واجه العلماء على مر السنين معضلة تتعلق بحجمه كيف لنا أن نتأكد من صحة أي من هذه النظريات، ما لم يتمكن أي شخص من زيارة القمر ليجلب لنا عينات ندرسها؟

كان علينا انتظار برنامج أبولو حتى نرى نتائج هذه المسألة.

بين عامي 1969 و1972، غادر  رجل فضاء من وكالة ناسا في زيارة إلى القمر وجلبوا منه قرابة 380 كليوغراما من الصخور. وهكذا بدأت عملية التحليل أخيرا. لكن النتائج لم تكن أقل إثارة للشكوك: فطبيعة العينات القمرية تبدو وكأنها تفند النظريات الكبرى الثلاثة الشائعة حول نشأة القمر 

فالقمر يشترك في العديد من الخصائص الكيميائية المتشابهة مع الأرض، لكن الكثير من الاختلافات أيضا 

تستبعد فكرة المنشأ الواحد لهذين الجسمين السماويين كما لاحظ العلماء أيضا أن العناصر الطيارة، مثل الآزوت، والكربون، والهيدروجين غائبة تقريبا غيابا كاملا من صخور القمر. كأن شيئا كارثيا. قد حدث حتما في تاريخ قمرنا. حادثة عنيفة للغاية بل جدّ عنيفة لدرجة أنها أفقدت المادة في القمر جزءا كبيرا من جوهرها


عام 1984، اجتمع مجموعة من العلماء في هاواي ليسلطوا الضوء على مختلف النظريات المتعلقة بتكوين القمر.

وبعد نقاش طويل ظهرت فرضية جديدة يبدو أنها نالت أغلبية الأصوات ألا وهي نظرية الأعظم

وتفترض القصة الجديدة التالي:  منذ قرابة 4,53 مليار سنة حين كان عمر النظام الشمسي لا يتجاوز 30 مليون سنة كان كوكبان يتنافسان على المدار نفسه أحدهما كان كوكب الأرض البدائي وكان الثاني كوكب يسمى "ثيا".

ثم انتهى الأمر بوقوع المحتوم طبعا واصطدم الكوكبان المتنافسان وما حدث لكوكب "ثيا" الذي كان حجمه أصغر بثلاث مرات من حجم الأرض أنه انسحق تماما بفعل الاصطدام وفي هذه اللحظة أجبرت الحرارة الجهنمية لهذا الاصطدام صخور القمر المستقبلية على التخلي عن عناصرها الطيارة في الفضاء.

والآن، صارت الأرض لوحدها على مدارها، لكن هذا الانتصار الذي حققته كلَّفها غاليا. وبسبب تأثرها الشديد بالهواء، أصبحت الآن بمحور دوران مائل مقارنة بمدارها المستوي وتطفو كسفينة شبحية وسط محيط من الأنقاض

ومع ذلك، انتهى الأمر بكوكبنا ليكون محور اعتماد كل شيء بخطى بطيئة لكن واثقة 

أعادت تكوين نفسها بجذب جميع المواد حولها إليها. أما ما ينفلت من تأثير جاذبيتها فكان يتكاثف بالتدريج مكونا جسما كبيرا : القمر.

إلا أن القمر حينها لم يكن بالحجم الذي نراه اليوم على ارتفاع 380 ألف كيلومتر فوق رؤوسنا

منذ 4,5 مليار سنة، لم يكن يبعد أكثر من 25 ألف كيلومتر. وكان حجمه الظاهر في السماء يبلغ 17 ضعفا من حجم الشمس. إنه عظيم الحجم، أسود اللون وكان مسرحا لنشاط بركاني عنيف 

كانت سرعته المدارية أقل من سرعة دوران الأرض والحقيقة، أن قوة المد والجزر التي يؤثر بها على كوكبنا تسحب سطح الأرض وتسبب في بطء حركته وخلال  4,5 مليار سنة، وبهذه الطريقة أصبحت أيامنا عبارة عن 24 ساعة بعد أن كانت 5 ساعات. 

وفي المقابل، عملت الأرض على انخراط القمر في سباقها وهكذا، ضاعفت سرعته. وبسبب هذه السرعة انطلق القمر نحو مدارات أكبر وأكبر أو بعبارة أخرى، صار أبعد. ومسافة البعد هذه تقدر اليوم بـ 3,8 سم كل سنة