الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

هل التحريك الذهني للأشياء عن بعد حقيقة ؟

لطالما شاهدنا افلام الخيال وإندهشنا من كون بعض ابطالها قادرا على تحريك الاشياء بستعمال قوى التحريك خاصته ، تحريك الاشياء الفيزيائية بإستعمال قوى الذهن فقط . لكن بينما الابطال في الافلام هم مجرد شخصيات خيالية من كتاب خيالي ، إلا ان الاعتقاد بالقوى التحريكية موجود .

لقرون ، أدعى اشخاص إمتلاك قوة تمكنهم من التحكم في حركة الأجسام بإستعمال القوى الذهنية فقط . التحليق في الهواء وفتح الأبواب بالإرادة وثني المعالق هي أمثلة عن ذلك.


لقد حدث الأمر في فيلم الماتريكس عندما جمد نيو الرصاصات في الهواء وهي مهارة تتمتع بها الشخصية الخيالية يودا . لكن هل الظاهرة حقيقية . أم مجرد خيال ككاري أو يودا أو نيو ؟

للتحقق ، نحتاج لتقييم ادعاءات التحريك الذهني من خلال عدسة العلم بإستعمال المنهاج العلمي .

التحريك الذهني جزء مما يسمى علم ما وراء النفس الذي يهتم بدراسة الظواهر الذهنية . والمهتمون بهذا المجال يعتبرونه علما صحيحا لكن بقية العلماء يعترضون .

لنبدأ ببعض الملاحظات الأساسية :

أولا ، بالرغم من وجود عدد من الحكايات حول التحريك الذهني إلا أنه ما من دليل علمي على وجوده ، ما من دراسات تمت وفقا للمنهاج العلمي أو تمت إعادته في المختبر لإتبات انه حقيقي بالفعل

في الثلاثينات ، قام المسمى بأب علم ما وراء النفس ، " جوزيف بانكس " في المختبر ، بتجربة ما إن كان الاشخاص قادرين على إستعمال التحريك الذهني لجعل النرد يتحرك بالطريقة التي يريدونها . لكن العلماء لم يتمكنوا لاحقا من إيجاد نفس نتائج تلك التجربة وهو عامل مهم لإثبات صحة فكرة ما لذلك فقط طرح الأمر إشكالية . فضلا عن العلماء ،هناك أيضا العديد ممن يدعون امتلاكهم لتلك القدرة لكن تم كشف خداعهم كلهم ، أو انهم لم يستطيعوا القيام بالأمر في ظروف لا يتحكمون فيها كليا ،مما يوحي بأنهم يزيفون الموقف لصالحهم .

اليوم ، هناك مبالغ مالية كبرى توفرها عديد المنظمات كجائزة لأي شخص قادر على إثبات وجود القوى الذهنية الخارقة كالتحريك الذهني .لكن ما من أحد تقدم للحصول على الجوائز .

الملاحظة التانية ، عندما تحققنا من التحريك الذهني ، ليس هناك إجماع حول ما يجب قياسه . هل الفاعل هي موجات دماغية قوية كتلك الخاصة بيودا ربما ؟

بما انه ما من اتفاق حول المسألة ، من الصعب إجراء بحث معياري ،وهو امر ضروري في مختلف بقية أنواع العلوم الاخرى لتقييم صحة الفكرة .

الملاحظة الثالثة ، هدف العلم هو إكتشاف المجهول ، وفي تاريخ البحث العلمي حدث كتيرا ان العديد من الاكتشافات الجديدة واجهت تيار العلوم الموجودة سابقا بل غيرت مجالات علمية بأكملها .اكتشافات مماثلة يجب ان يتم إثباتها بطريقة حذرة لمقاومة أي شكوك .

في حالة التحريك الذهني ، الفكرة تواجه العلوم الموجودة لكن تنقصها الادلة القوية التي تدعمها .

تتحكم قوانين الفزياء في الكون وتفسيره وإحدى هذه القوانين تخبرنا أنه لا يمكن للموجات الدماغية التحكم بالأشياء لانها لا تستطيع الوصول بعيدا ولأنها ليست قوية كفاية للتأثير في أي شيء خارج الجمجمة

الفزياء تخبرنا أيضا أن القوى الوحيدة القادرة على التأثير في الاشياء عن بعد هي المغناطيسية و الجاذبية . ربما أكثر شيء تابع للتحريك الذهني والذي تقدر العلوم على تفسيره ، هو استعمال الافكار لتحريك ذراع آلية .

 في دماغ المصابين بسكتة دماغية والغير قادرين على الحركة ، إستطاع الباحثون زرع أسلاك صغيرة في المنطقة المسؤولة عن الحركة ، تم دربوا المصابين للتركيز على تحريك ذراع آلية تعمل بمثابة امتداد لأذهانهم وهي ناجحة .الامر مذهل ، لكنه ليس تحريكا ذهنيا ، افكار المصابين ليست أشياء مبهمة وغير قابلة للكشف إنها موجات دماغية قابلة للقياس والترجمة عبر أسلاك نحو الألة . العلم يستطيع قياس ، وإختبار وتفسير الحركة ،وهكذا أثبتنا أن هذا النوع من التحريك الذهني ممكن ، العلم هو عملية بطيئة لتجميع الأدلة التي ٱما تدعم أو تدحض فكرة ما .وعند مقارنة الأدلة ، نعرف أي فكرة هي الصحيحة وفي حالة التحريك الذهني ، ما من أدلة تقول أنه موجود فعلا . البعض يقول أن هذه الظاهرة الباطنية تتجاوز حدود العلم ، لا بأس . لكن التحريك الذهني يصبح عندها مجرد قناعات شخصية .

إن كان غير ممكن تقييم أمر ما علميا ، إذا لا يمكن وصفه بالأمر العلمي .

إذن فنتائج بحثنا تكشف أنه مهما تكن رغبتنا في التصديق بأننا نمتلك قوى خارقة داخلنا فإن الأدلة على التحريك تبقى ضعيفة .

عذرا نيو و كاري و يودا . قدراتكم مذهلة فعلا لكنها تبقى خيال أفلام .