السبت، 6 أبريل 2019

ما هي حقيقة العلاج بالصدمات الكهربائية ؟


في عام 1982، كانت ممرضة شابة تعاني من اكتئابٍ شديدٍ ومستعصٍ.

لم تكن تستطيع العمل، أو تكوين صداقات، أو حتى التركيز بشكلٍ كافٍ لقراءة الصحف. ولكن علاجاً واحداً كان كفيلاً بتغيير كلّ شيء.

فبعد جلستين من العلاج بالصدمات الكهربائية، اختفت الأعراض. واستطاعت بعدها العودة للعمل، ومواصلة الدراسة، حيث حققت نتائج عالية.

في البداية، كانت تتحدث على الملأ عن هذا العلاج الذي غيّر مجرى حياتها. ولكن عندما أدركت أنّ لدى الكثيرين انطباعاً سلبياً عن العلاج بالصدمات الكهربائية، توقفت عن مشاركة تجربتها. إلّا أنّ لهذا العلاج أثراً عميقاً، مستمراً عبر التاريخ والذي يشبه الإجراء الحالي إلى حدٍّ ما.

استُخدِم هذا العلاج لأوّل مرةٍ في الطب عام 1938.
في بداياته، كان الأطباء يوجّهون تيّاراً كهربائيّاً قويّاً للدماغ، متسبّبين بنوباتٍ تشنجيّةٍ لكامل الجسم والتّي تدفع المرضى لعضِّ ألسنتهم أو حتّى كسر عظامهم.

أمّا العلاج بالصدمات الكهربائية الحديث العهد فهو مختلفٌ تماماً.
فعندما يكون المريض تحت تأثير التخدير العام، فإن المسربين الكهربائيين يُوصِلان نبضات كهربائية خفيفة إلى الدماغ. وهذا ينشّط عدداً كبيراً من الخلايا العصبيّة فتعمل بانسجام لتحفيز: نوبةٍ تشنجيّةٍ بسيطةٍ، ومنظمة.

ويقوم مرخٍ للعضلات على منع التشنجات من الانتشار إلى بقيّة الجسم.

إنّ المؤشر الفيزيائي الوحيد لتدفق الكهرباء إلى الدماغ هو ارتعاش قدم المريض.

تستمر الجلسة العلاجيّة نحو دقيقة واحدة، ويستطيع معظم المرضى متابعة نشاطاتهم العاديّة بعد ساعة تقريباً من كلّ جلسة علاجيّة.

تُستخدم الصدمات الكهربائيّة لعلاج الحالات الحرجة من الاكتئاب ومرض ثنائي القطب وذلك عند المرضى الذين لم يستجيبوا لعلاجاتٍ أخرى، أو الذين كانوا يعانون من الأضرار الجانبية للأدوية.

يشعر نحو نصف المرضى أو أكثر ممن يخضعون لهذا العلاج بتحسن فيما يعانونه من أعراض.

يخضع معظم المرضى لجلستين علاجيتين بالصدمات أو ثلاث في الأسبوع لعدة أسابيع. والبعض منهم يلاحظ تحسّناً بالأعراض بعد جلسة واحدة فقط، بينما يحتاج آخرون لفترة أطول حتى يستجيبوا للعلاج.

يخضع بعض المرضى لجلسات علاجيّة أقل تكراراً لمدة تترواح من عدة أشهر إلى سنة، والبعض يحتاج إلى جلساتٍ علاجيّةٍ صائنةٍ لمدى الحياة.

يُعتبَر العلاج بالصدمات الحديث أكثر أماناً من ذي قبل، ولكن لا يزال المرضى يعانون من الأعراض الجانبيّة للعلاج. فمن الممكن أن يشعروا بألمٍ، أو تعبٍ، أو غثيان حالاً بعد العلاج. وبعضهم يجد صعوبةً في تذكّر ما حصل قبل الجلسة مباشرة...

فعلى سبيل المثال، لا يتذكّر المرضى ما قد تناولوه على العشاء ليلة الأمس. ومن النادر أن يعجز المرضى عن استرجاع ذكرياتهم من الأسابيع أو الأشهر الماضية.

إنّ فقدان الذاكرة يتحسّن مع الوقت، عند معظم المرضى. والمثير للدهشة أنّه على الرغم من السجل الحافل لهذا العلاج، إلّا أنّنا لا نزال غير متأكدين تماماً من سرّ نجاحه.

تتصل الخلايا العصبيّة في الدماغ عن طريق إشاراتٍ كهربائيةٍ، مما يؤثّر على كيمياء الدماغ، والذي يساهم في المزاج والسلوك.

إنّ تدفق النشاط الكهربائي الذي يُحدثه العلاج بالصدمات يغيّر كيمياء الدماغ. مثلاً، يحفّز العلاج بالصدمات الكهربائيّة إفراز مستقبلاتٍ عصبيّةٍ معينة، وهي جزيئاتٌ تساعد في نقل الإشارات بين العصبونات وتؤثّر في الصحّة العقليّة. ينشّط هذا العلاج أيضاً تدفق الهرمونات والتي تساعد على تخفيف أعراض الاكتئاب.

والمثير للاهتمام، أنّ العلاج بالصدمات الكهربائية يصبح أكثر فعاليةٍ مع الأدوية، حتى عند المرضى الذين لم يستجيبوا للأدوية قبل ذلك.
عندما نفهم الدماغ بشكلٍ أفضل، سنصبح قادرين على جعل العلاج
بالصدمات الكهربائية أكثر فعالية.

في عام 1995، بعد مرور أكثر من عقدٍ على تلقّيها أول جلسة علاجيّة، قررت الممرضة نشرَ حسابٍ تتحدّث فيه عن تجربتها مع العلاج. ولكن بسبب اللبس الذي أحاط بهذا العلاج، فقد خافت أن نشرها لذلك الحساب سيؤثّر سلباً على حياتها الشخصيّة والمهنيّة، مع أنّها تعلم بقدرة العلاج على إحداث فرقٍ كبيرٍ للمرضى عند فشل كلّ شيءٍ آخر.

على الرغم من استمرار المفاهيم الخاطئة حول العلاج، فإن حساباً كحسابها ذاك ساعد الكثير من المرضى والأطباء على معرفة القدرة الهائلة للعلاج على تغيير حياة المرضى جذريّاً.