الاثنين، 3 ديسمبر 2018

الزمن ، حقيقة أم مجرد وهم !


أول قياسات الزمن كانت ملاحظة التغيرات الدورية في الطبيعة بإستخدام أنماط التغير من الصباح إلى الليل ومن الفصل للفصل لبناء التقويم ، الوسائل الأكثر دقة لتحديد الزمن كالساعات الشمسية والساعات الميكانيكية ، جاءة بعد ذلك لوضع الزمن في قوالب مناسبة أكثر .

لكن ما هو الشيء الذي نقيسه حقا ؟ هل الزمن هو شيء له وجود مادي ،أو هو موجود فقط في عقولنا ؟

في البداية تبدو الإجابة واضحة . بالطبع الزمن موجود ؛ وهو ينكشف بشكل دائم من حولنا ومن الصعب تخيل الكون من دونه. ولكن فهمنا للزمن بدأ يتعقد بفضل آينشتاين .فنظريته النسبية تخبرنا أن الزمن يمر لأي شخص ، ولكنه لا يمر دائما بنفس المعدل للأشخاص في الحالات المختلفة مثل الذين يسافرون بسرعة قريبة من سرعة الضوء أو يدورون حول تقب اسود عملاق . طوع آينشتاين الزمن وحل المشكلة بربطه مع المكان ليشكل زمكان ، والذي يمكن ان ينحني ولكنه يتصرف بطريقة متسقة وقابلة للتنبؤ .
تؤكد نظرية آينشتاين أن الزمن محبوك في نسيج الكون ولكن هناك سؤال كبير لم يحله تماما .

 لماذا نستطيع أن نسير خلال المكان في أي اتجاه و لكننا نستطيع السير في اتجاه واحد خلال الزمن ؟

مهما فعلنا ، يبقى الماضي دائما خلفنا بعناد .وهذا يدعى ب"سهم الزمن " عندما تسقط قطرة ملون طعام في كوب ماء ،ندرك فورا أن الملون سينتشر تدريجيا من القطرة حتى يملأ الكوب . تخيل مشاهدة العكس يحدث ! في هذه الحالة ، سنقول بأن الزمن ينكشف في الاتجاه المعاكس .

نعيش في عالم ينتشر فيه ملون الطعام في الماء وليس في عالم يتجمع فيه الملون من الماء يوصف هذا في الفزياء (" بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية ") والذي يقول بأن الأنظمة ستكتسب فوضى أو "إنتروبيا" مع مرور الزمن .

تنتقل الأنظمة في عالمنا من النظام الى الفوضى وهذه الخاصية للكون تعرف إتجاه سهم الزمن . فإذا كان الزمن هو خاصية أساسية يجب ان يوجد في أكثر معادلاتنا الأساسية التي تصف الكون ، أليس كذالك ؟

لدينا الان مجموعتين من المعادلات تغطي الفزياء ، "النسبية العامة" التي تصف سلوك الاشياء الكبيرة جداً بينما "فيزياء الكم" تشرح الأشياء الصغيرة . أحد أكبر الأهداف في الفزياء النظرية خلال القرن الاخير ، كانت توحيد النظريتين في نظرية واحدة أساسية (("نظرية كل شيء")) .هناك العديد من المحاولات لم يتم إثبات اي منها وهي تعامل الزمن بأشكال مختلفة والغريب أن أحد النظريات المتنافسة تدعى معادلة "ويلر-ديويت" لا يوجد فيها  زمن على الاطلاق . مثل كل النظريات الحالية لكل شيء ، هذه المعادلة افتراض نظري ولكن كتجربة فكرية ،إذا كانت هي أو معادلة شبيهة تفتقر الزمن وإتضح بأنها صحيحة ، هل سيعني ذلك أن الزمن غير موجود في أعلى المستويات الأساسية ؟ هل يمكن ان يكون الزمن مجرد وهم بحدود الطريقة التي نرى بها كوننا ؟

لا نعلم لحد الآن ، ولكن ربما هذه هي الطريقة الخاطئة للتفكير بالأمر بدل السؤال إذا كان الزمن موجود كخاصية أساسية .

من الممكن أن وجوده هي خاصية طارئة . الخواص الطارئه هي الأشياء التي لا توجد في قطع فردية في النظام ، ولكنها توجد للنظام ككل . كل جزيء ماء لا يملك مد وجزر ولكن كل المحيط يملك .

الأفلام تصنع تغير في الزمن بإستخدام سلسلة من الصور التي تظهر بتدفق التغير المستمر بينهم . المرور عبر الصور بسرعة كافية يرى عقلنا تغير الزمن من سلسلة صور ، لا يتغير إطار واحد في الفلم أو يحتوي على تغير الزمن ، ولكنها خاصية تأتي من كيف تلتصق القطع مع بعضها . الحركة حقيقية ، ووهم في نفس الوقت . هل يمكن ان يكون فيزياء الزمن هو وهم مشابه ؟

ما زال الفزيائيين يستكشفون هذه والعديد من الأسئلة الأخرى ، فنحن بعيدين عن إجابة كاملة . حاليا على الأقل ...