هنري بوانكاريه أسمه بالكامل "جولس هنري بونكاريه" ، فرنسي الاصل من ضواحي "سيتي دوكال" من مدينة نانسي في اقليم مورت وموزيل. ولد في 29 أبريل 1854 - وتوفى في 17 يوليو 1912 م ، أحد أمهر العلماء الفرنسيين في مجال الرياضيات والفيزياء النظرية كما كان من فلاسفة العلوم. عادة ما يوصف بوانكاريه بأنه آخر العلماء الشموليين - بعد غاوس - والذي كان قادرا على فهم مختلف فروع الرياضيات والمساهمة فيها. كما انه واحد من مؤسسي الطوبولوجيا .
كانت عائلته ذات نفوذ فقد كان والده ليون بوانكاريه أستاذا جامعيا يدرس الطب في جامعة نانسي. كما تزوجت أخته "ألين" الفيلسوف الروحاني ايميل بوترو. كما كان ابن عمه ريمون بوانكاريه رأيساََ لفرنسا من 1913 إلي 1920 وعضواََ في ال"أكادميه فرنسايه". كما أن هنري قد نشيء كاثوليكيًاَ ولكنه أصبح ملحداََ عندما كبر.
أضطرت أمه "يوجينيه لانوا" لأن تكون معلمته في صباه وذلك بسبب إصابته بمرض الدفتريا ، ولذلك فقد تلقي نسبة كبيرة من تعليمه الأساسي في البيت .
وفي 1862 دخل هنري بونكاريه مدرسة (أو ليسيه) نانسي (والتي تسمي الآن ليسيه هنري بونكاريه، كما سميت جامعة نانسي كذلك بأسمه تشريفاََ له). قضي هنري احدي عشر سنة في هذه المدرسة وكان خلالها أحد أكثر الطلبة تفوقاََ. فلقد برع في تأليف المكتوبات المبدعة. كما وصفه معلم الرياضيات، مادحاََ اياه، بعفريت الرياضيات. كما فاز هنري بالجائزة الأولي في عدة مواضيع في مسابقة "الكونكورس جنرال" والتي تقام كل سنة بين أبرع الطلبة من كل معاهد الليسيه في فرنسا. ولكن هنري لم يتفوق في كل المواد الدراسية، إذ أن التقارير المدرسية تقول أنه كان "لا يكاد يصل للمستوي العادي" في الموسيقي والرياضة البدنية. هنري بوانكاريه تخرج من الليسيه بالبكالوريوس في الأداب والعلوم في سنة 1871.
وفي 1870، خلال الحرب الفرنسية البروسية، خدم هنري مع والده في فيلق الإسعاف.
ثم، وفي 1873، التحق بوانكاريه بالمدرسة متعددة التكنولوجية حيث درس الرياضيات كطالبا عند الأستاذتشارلز هيرمت. وأستمر هنري في هذه الجامعة الشهيرة بالتألق وفي 1874 نشر أولي أوراقه العلمية (Démonstration nouvelle des propriétés de l'indicatrice d'une surface) أو (المزيد من خصائص مؤشر المسطحات). وتخرج من البوليتكنيك في اما 1875 أو 1876 ومن ثم ألتحق بال"ايكول دي ماينز" (مدرسة المناجم) حيث واصل دراسته للرياضيات الي جانب تتبعه للمنهج المقرر ليتخرج كمهندس مناجم في مارس من 1879. (ملاحظة: ال"ايكول دي ماينز" يعد من أرقي المعاهد، أسمي من معظم الجامعات، وليس فقط مدرسة لمهندسي المناجم. ولقد تخرج من هذا المعهد العديد من كبار
رجلات العلوم والأعمال في فرنسا).
رجلات العلوم والأعمال في فرنسا).
ألتحق هنري بونكاريه بال"كور دي ماينز" (فيلق المناجم) بعد تخرجه وأصبح مفتش مناجم لمنطقة "فرسول" في الشمال الشرقي لفرنسا. وفي أغسطس من 1879 بعث لمحافظة "ماجني" بعد حادث خطير أودي بحياة 18 من عمال المنجم وكانت مهمته التحقيق في سبب الحادث وتوصية المنجم بكيفية تفادي الحوادث في المستقبل. وكان تقريره الناتج عن التحقيق شامل وحساس، كمؤلفها.
في هذه الأثناء كان بونكاريه يعد رسالة الدكتوراه في الرياضيات بعنوان "Sur les propriétés des fonctions définies par les équations différences. " أو "خصائص الدالات المعرفة بالمعادلات التفاضلية" باشراف "شارلز هرميت". وفي هذه الرسالة ابتدع طريقة جديدة لدراسة المعادلات التفاضلية؛ ولم يقتنع بحل المعادلات فحسب بل كان أول من درس خصائصها الهندسية. وعندها أدرك أنه يستطيع استعمال هذه المعادلات لدراسة الحركة الحرة لعدة أجسام في الفضاء - وكانت هذه معضلة رياضية استعصت علي الكل من قبله. وبفضل هذه الرسالة المبدعة تخرج بونكاريه كدكتور بالرياضيات من جامعة باريس في عام 1879.
كان لبوانكاريه مساهمات أساسية في مجال الرياضيات التطبيقية والرياضيات البحتة والرياضيات الفيزيائية وميكانيك الأجرام السماوية. كما يرجع إليه الفضل في صياغة حدسية بوانكاريه والتي تعد من أشهر المسائل الرياضية، والتي برهن عليها غريغوري بيرلمان عام 2003.
من خلال أبحاثه في المسائل التي تحتوي على ثلاثة أجسام، كان بوانكاريه أول شخص يكتشف نظاما عشوائيا محددا والذي قاد إلى تأسيس ما يعرف اليوم بنظرية الشواش.
وعرف بوانكاريه بأنه من قدم للنظرية النسبية العامة الحديثة وأنه كان أول من وضع تحويلات لورينتز بشكلها المتماثل الحالي. وسميت مجموعة بوانكاريه في الرياضيات والفيزياء تيمنا به. كما اكتشف بوانكاريه ما كان قد تبقى من تحويلات السرعة النسبية وسجل ذلك برسالة إلى لوينتز في عام 1905 م، موحدا بذلك قوانين ماكسويل والذي اعتبر آخر خطوة في اكتشاف النظرية النسبية الخاصة.
توفى بوانكاريه في 17 من يوليو في سنة 1912 بباريس وهو في سن 58 بسبب انسداد وعائي . وتم دفنه في مقبرة مونبارناس .